• قراءة في التحفّظات العربية على اتفاقية "السيداو" CEDAW

    هل هي خصوصية ثقافية أم خصوصية عربية؟

    الاربعاء 29 كانون الأول (ديسمبر) 2010

    بقلمآمنة الجبلاوي  


    http://www.alawan.org/local/cache-vignettes/L300xH378/arton8979-a2e69.jpg

    نتساءل اليوم، أكثر من أيّ وقت مضى، عن مسارات التحول الديمقراطي وبناء الدولة الحديثة في العالم العربي وفي المغرب العربي إذ نلحظ بعض التراجعات في دول المنطقة التي اعتبرت قبل زمن قصير نماذج تحتذى في هذا المضمار.

    واخترنا في هذا الاطار ان نطرح موضوع انخراط الدول العربية عموما والدول المغاربية خصوصا في منظومة العهود والمواثيق الدولية، وهو انخراط تسجل به هذه الدول انتمائها إلى المجتمع الدولي. وتسجل بذلك انضواءها ضمن أطر قانونية كونية تنظم العلاقات بين الدول الأطراف.

    صادقت الدول العربية على ترسانة هامة من العهود والمواثيق الدولية، ممّا يندرج ذلك ضمن رغبة هذه الدول في التّفاعل مع المحيط الدولي، كما يندرج في ما يمكن أن يعدّ مبادرات لتأسيس الدولة الحديثة.

    ومن مقوّمات هذه العملية التأسيسية والتحديثية وضع منظومة تشريعية محلية ودساتير وطنية، إضافة إلى التموقع ضمن المجموعة الدولية كما اشرنا إلى ذلك من خلال الانخراط في الصكوك الدولية. وتعدّ اتفاقية مناهضة كافة اشكال التمييز ضد المرأة المسماة اتفاقية "السيداو" CEDAW، احدى الاتفاقيات الدولية التي انضمّت إليها الدول العربية والمغاربية.

    وقد صادقت الدّول العربية عليها مثل غيرها من الدول مع تقديم تحفّظات على بعض المواد والبنود مثل غيرها. وسنحاول من خلال ورقة العمل هذه تحديد نوعية هذه التحفظات وأن نفهم اسباب اختيارها ونقترح قراءة انخراط الدول العربية عموما والمغاربية خصوصا في هذه الاتفاقية. لا بدّ لنا في هذا الإطار أن نشير الى أن التوقيع على هذه الاتفاقية يعد في حدّ ذاته تحديثا هاما وقبولا بمبدأ كونية القانون الدولي. وذلك رغم التّحفظات التي ارتبطت بالجانب الثقافي والتي تستحق ان نعمق دراستنا حولها، ونشير في هذا السياق إلى تفاوت مستوى التّحفظات والتطبيقات … ولذلك كان لا بد من الفصل بين الثقافي وبين ما علق به من إرث ذكوري أبوي. ويبين الاشتغال على هذه التحفظات ان مسار التحديث يمرّ عبر تطوير مقاربتنا للقانون الدولي وعبر إعادة النظر الدورية في التحفظات قصد سحب بعضها والتراجع في البعض الآخر.

    تعد المواد والفصول المتحفّظ عليها شبه متطابقة في المغرب العربي وفي العالم العربي وفي بقية العالم الاسلامي وفي العالم عموما.

    ومن خلال اعتماد منهج القانون المقارن يمكن أن نتحدث عن وحدة مغاربية توفقت وعن وحدة عربية نجحت في وحدة صياغتها للتحفظات المعلنة على اتفاقية السيداو.

    وأحيل الباحثين المهتمين بدراسة نص الاتفاقية على عدد من المواقع الالكترونية المهتمة بالموضوع.

    ولا بد في البداية من التعريف باتفاقية "السيداو": 

    تاريخ نشأة الاتفاقية:

    اعتمدت الجمعيّة العامة للأمم المتحدة سنة 1967 إعلان القضاء على التمييز ضد المرأة وبدأت لجنة مركز المرأة في الامم المتحدة سنة 1972 استطلاع رأي الدول الاعضاء حول شكل ومضمون صك دولي بشأن حقوق المرأة بما هي إنسان. وأنهت اللجنة المكلفة بصياغة نص الاتفاقية بمركز المرأة سنة 1979 إعداد النص. وتم اعتماد الاتفاقية وعرضها للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المؤِرّخ في 18 ديسمبر 1979 وبدأ تاريخ نفاذها في 3 سبتمبر 1981

    هيكلة التحفظ القانونية:

    ظهرت جملة من التحفظات مع التصديق على اتفاقية السيداو، وهي تحفظات تكررت في أكثر من إعلان انضمام للبلدان العربية، وشملت التحفظات اساسا التحفظ على المادة2: 1 وتهدف المادة أو تهمّ تجسيد مبدأ المساواة في الدساتير والتشريعات وكفالة التحقيق العملي لهذا المبدأ.

    المادة 9 : تهم جنسية الأطفال وتدافع عن مبدإ اكساب الابن جنسية الأم.

    المادة 15: تهم المساواة بين الجنسين أمام القانون مثل الحقّ في إبرام العقود

    المادة 16: تهم مبدأ عدم التمييز فيما تنتظم به علاقات الزواج وقوانين الأسرة "سن الزواج".

    المادة 29: حق الدولة الموقعة على الاتفاقية في إعلان عدم التقيّد بنظام التحكيم في حال نشوء خلاف بين الدول

    مواضيع التحفّظات:

    تشمل التحفّظات مواضيع راهنة هامّة يتعلق بعضها بتنظيم تشريعات الأسرة، ومنها ما يتعلق بالحضانة والوصاية والولاية والقوامة والإرث وجنسية الابناء وزواج الاطفال وتعدد الزوجات والحق في الطلاق والنفقة وزواج المسلمة من غير المسلم. ونذكر ان هذه الورقة تهتم بالبلدان المغاربية وجنوب المتوسط ولكن عملنا يقارن دائما البلدان موضوع الدرس بالمحيط العربي وبالمحيط الاسلامي الاوسع.

    واذا ما نظرنا الى البلدان العربية التي تعرف بعض المشاكل الجديدة في مستوى مصادقتها على السيداو، فإنّ العراق يطرح اشكاليتين : إشكالية أولى هي مسألة تعدد الأديان والأعراف مما يطرح مسألة ضرورة الاحتكام الى تشريعات تتعالى على الغوص في الخصوصيات على ألا يقع تفضيل دين على آخر أو عرق على آخر. وإشكالية ثانية تتمثل في إقرار الدستور العراقي الجديد سنة 2005 دون ادراج فصول قانونية تشير إلى اعتراف الدستور الجديد بالاتفاقيات الدولية التي وقّع عليها العراق في الماضي

    الملاحظات والتوصيات:

     وكما ذكرنا سابقا فإنّ التصديق والانضمام لاتفاقية مناهضة كافة اشكال التمييز ضد المرأة، يُعدّ خطوة نحو بناء تشريعات أو الانخراط في تشريعات دولية تساهم في بناء الدولة الحديثة.

     لكن لا بدّ من تقديم عدد من الملاحظات التي ينبغي على سائر المهتمين بالشأن الحقوقي التفكير في حلول لها :

     * هناك ثلاث فجوات أساسية تحكم مسار انضمام دول المغرب الكبير والدول العربية لاتفاقية "السيداو"، وهي الفجوة بين التحفظات العربية وأهداف الاتفاقيات. فهي تحفظات من شأنها أن تسهم في إفراغ الاتفاقية من مضامينها وغاياتها (لأن المواد المتحفظ عليها وهي خمس أساسا المادة 2 و9 و15 و16 و29 وهي التي تهم جنسية الاطفال والـ… (ص3)) وفجوة بين بلدان المغرب العربي وبعض البلدان العربية في المشرق والخليج وفجوة اخيرة بين بلدان المغرب العربي نفسها.

     * وإن كنا نتفهم حيطة البلدان من قبول الانخراط في منظومة التحكيم ونتفهم التحفظ الذي سجلته الدول على المادة 29 من الاتفاقية. فإن الفقرة (و) من المادة (2) تعد في صميم اشكالية العلاقة بين ما يدعى احيانا خصوصية ثقافية وبين مبادئ الاتفاقية ككل والتي تقوم أساسا على إلغاء التمييز. وجاءت في الفقرة (و) دعوة للبلدان المصادقة لاتخاذ جميع التدابير المناسبة بما في ذلك التشريع لتعديل او لإلغاء القوانين والأنظمة والأعراف والممارسات القائمة التي تشكل تمييزا ضد المرأة.

     وإذا ما حاولنا مقارنة موقف البلدان العربية من الاتفاقية ببلدان اسلامية تقدمت في مسار إرساء التجربة الديمقراطية ومسار تحديث الدولة فإننا نلاحظ ما يلي :

     1 - النموذج التركي : عندما ننظر إلى الجار الجغراسياسي والثقافي التركي فإنه لا يسجل الا تحفظا واحدا حول الفقرة الاولى من المادة 29 فحسب، وبذلك يظهر لنا هذا البلد الاسلامي أن قراءته لمسألة الغاء التمييز لا تتعارض مع قوانين البلاد ولا مع مقومات ثقافته وخصوصياته.


     2 - النموذج الباكستاني : أما الباكستان فلم تتحفظ هي الأخرى سوى على الفقرة الأولى من المادة 29 : والتي تتعلق بإمكانية خضوع البلد المصادق لمحاسبة بلد مصادق ثان ولمساءلة قانونية دولية، وهي بذلك فقرة تضعف من سيادة البلد الممضي على اتفاقية السيداو. لذلك جاء التحفظ عليها من أكثر من بلد حتى خارج الدائرة العربية الإسلامية.


     3 - النموذج التونسي: تونس غير متحفظة على المادة الثانية وهي مادة هامة جدا في آلية السيداو لأنها تلك التي تُلزم البلد المتعهد باتخاذ كل التدابير التشريعية والتنفيذية لإلغاء كل أشكال التمييز ضد المرأة وقد سحبت تحفظها على المادة 9 في 2006.


     4 – النموذج الاسباني : اذا ما نظرنا الى هذه الملكية الأوروبية غير العربية وغير الاسلامية فإن اسبانيا لا تتحفظ على أية مادة من مواد الاتفاقية لكنها تملي شرطا وهو ألا تمسّ هذه المواد من التاج الملكي.


     5 - النموذج المصري : أما النموذج المصري فهو يعكس النموذج التقليدي ويعكس بشكل جليّ ووفيّ صورة للتحفظات التي عبرت عنها أغلبية الدول العربية الإسلامية. فهي تتحفظ الى حين تقديم هذه الورقة على المواد الخمس التي تحدثنا عنها وهي المواد 2 و9 و15و16و29 .

     6 - النموذج الموريتاني : هناك آليات تعتمد حاليا لاحترام السيداو. ووفقا لرئيسة إحدى المنظمات FNPDFE المنتدى الوطنى للنهوض بحقوق المرأة والطفل، هناك إجماع بين جل علماء الشريعة الموريتانيين على تطبيق جميع أحكام الاتفاقية باستثناء المادتين 15 و16 وهما تقومان على المساواة في الحقوق والواجبات والمساواة أمام القانون بين الزوجين. ويرى ممثلو هذه المنظمة أن هذه التحفظات قد تهدد بإفراغ هذه الاتفاقية من مضمونها

     7 - هناك بلدان لم تصادق على الاتفاقية وهي سبعة بلدان منها : إيران والسودان والصومال والولايات المتحدة الأمريكية التي تتخذ في هذه المجالات مواقف ثقافية.


     8 - النموذج المغربي : رفع المغرب في 10 ديسمبر 2008 بمناسبة ذكرى الإعلان العالمي لحقوق الانسان الستين كل تحفظاته على السيداو. وهذا نموذج يعبر عن رغبة المغرب في الانخراط في الآليات التعاهدية الدولية ليؤكد بذلك اختيارا يدعم مسارات التحديث. لكن بعض المنظمات غير الحكومية التي تعمل على ما سمته في احدى حملاتها "مساواة دون تحفظات"، " égalité sans réserves " لاحظت أن الاشتغال الميداني على ممارسات نقض وإلغاء التمييز في حاجة إلى مزيد من الوقت. فرفع التحفظات المغربي ما زال من حيث النصوص جزئيا فقد بقيت الورقة المغربية النهائية قيد الإعداد. وفي الانتظار مازال الإعلان مسألة شفوية لم تتخذ البعد القانوني التنفيذي، كما أن الفجوة، بين التشريعات والتطبيقات والممارسات الاجتماعية التي تخضع الى عقليات، لا تستوعب كل ما ورد من تغييرات في المدونة المغربية.

     تعد مصادقة بلدان المغرب الاوسط Le Maghreb Central والمغرب الكبير Le Grand Maghreb والبلدان العربية عموما على اتفاقية السيداو رغم التحفظات المسجّلة خطوة من بين خطوات أخرى نحو المسار التحديثي للمؤسسات وللتشريعات الدولية والمحلية.

     لكن هناك جملة من الملاحظات والتوصيات التي نساهم في التذكير بها أو الإشارة إليها . ولا بد في البداية من التأكيد على ضرورة متابعة البحث ومن التذكير بأهمية متابعة المسار القائم على مقاربة نهج التنمية القائم على حقوق الانسان . كما نشير إلى أن التصديق النظري لا يكفي إذ ينبغي الاشتغال على مستوى تطبيق القوانين من جهة أولى وعلى مستوى تكريس التربية وحقوق الانسان من جهة ثانية، وذلك بهدف تغيير بعض المواقف الجديدة والتبسيطية من المسألة الحقوقية لدى الحكومات ورؤوس الأموال ولدى العموم.

      سحب التحفظات: لا مناص من سحب التحفظات أو سحب أكبر عدد ممكن منها على الأقل وإن تمّ ذلك بصفة تدريجية. وإن تمّ في نهاية الأمر الاكتفاء بالتحفظ على الفقرة الأولى من المادة 29 شأن تركيا والباكستان مثلا.
     * التزام الدول بتقديم التقارير الدورية للجنة السيداو التّي تقوم بمراجعة التقارير التي قدمتها الدول الأطراف.

    وقد قدمت تونس والجزائر والمغرب مثالا ناجحا على التفاعل مع آلية الاستعراض الدوري الشامل للتقارير. فقد سحبت كل من تونس والجزائر والمغرب تحفظاتها على المادة 9 والمتعلقة بجنسية الطفل وذلك سنة 2006.

    وقد أشرنا إلى تفاوت في مستوى تنفيذ المواد المصادق عليها بين البلدان. وتعد البلدان المتقدمة في هذا المجال ومنها تونس، التلاميذ النجباء في هذا المستوى، لكن وضع الدول الغربية وهياكل مثل البنك الدولي لها في تقسيمات جغراسياسية جديدة ضمن ما أسماه البعض منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا.

    هذا التقسيم يجعل التلاميذ النجباء يعوّلون أحيانا على التراكمات الايجابية ولا يستطيعون القيام بجهود إضافية، بل يطلب منهم ان يكونوا في مستوى ما تطالب به دول المنطقة ضمن ما يسمى المقاربة الشمولية .

    لا بدّ إذن من التنبيه الى أنّ المؤشرات التّي تقارن بين دول المنطقة قد تضرّ أحيانا بمعدلات البلدان الأكثر تقدما وبمكاسبها، لأنها ستبقى في انتظار لحاق الاخرين بها في سياق المساواة بين الجنسين وإلغاء التمييز ضد المرأة .

     * التنبيه الى ضرورة إعداد خطاب جديد حول منظومة القانون الدولي وحول دور الامم المتحدة في تعديل المسار الديمقراطي للدول الأطراف.
     * تدخل الدول المغاربية في باب ما أسلفنا ذكره وهو انخراط الدول المغاربية والعربية في الاطر المؤسساتية والتشريعية الدولية وذلك استجابة للمتطلبات الاقليمية.


    1 commentaire
  • Paru dans Jeune Afrique du 30 janvier 2011

    « Plutôt le feu que le déshonneur »

    FETHI BENSLAMA Psychanalyste, professeur de psychopathologie, directeur de l’UFR Sciences humaines cliniques à l’Université Paris-Diderot (1)

     

    « Examinons la signification du déclenchement. Au départ, il y a l'acte d'un individu, Mohamed Bouazizi, qui ne s’est pas simplement suicidé mais s'est auto-sacrifié. C’est le sens de l’immolation de soi publique. Avec quoi ce sacrifice est-il entré en résonance, sinon avec le joug que subissait le peuple depuis des années ? On peut certes évoquer les conditions socio-économiques. Mais on retrouve cela dans beaucoup de pays, où la misère est parfois bien pire, et ne provoque pas pour autant de soulèvement. Il faut donc chercher ailleurs, notamment du côté de ce que j'appellerai la restitution du désir politique.

                Ce désir est bien plus qu'un désir de changement. Pour le comprendre, il faut revenir en arrière. Ces dernières années, quand je revenais en Tunisie, j'étais frappé par la plainte continuelle de mes interlocuteurs. Ils témoignaient sans cesse de ce qu’ils n’étaient pas contents d'eux-mêmes et de la vie commune, où les relations les uns avec les autres devenaient exécrables. Cela se manifestaient par une agressivité inhabituelle dans ce pays. Ce sont des signes parmi beaucoup d’autres d’une désagrégation du lien social.

                Cette mésestime de soi est un élément essentiel. Car elle signifie que les gens se considèrent comme indignes à leurs propres yeux. Ils savent qu'ils acceptent l’inacceptable. On supporte une telle situation, mais qu’est-ce qui la rend insupportable ? L'inacceptable, c'était en particulier trois choses : un haut édifice de mensonges sur la démocratie, l'état de droit, l’excellence, etc ; la crapulerie du cercle dirigeant devenue très visible ; et, c'est très important, cette jouissance ostentatoire de possédants qui jettent les signes de leur richesse à la figure des autres. Bref, on tendait au peuple un miroir de mépris.

     

    Les gens étaient amenés à se sentir mesquins, et à recourir à des vilénies pour survivre : trafiquer, corrompre, se faire pistonner, etc. L’image de soi est atteinte, ce qui représente une déchéance de l’idéal. Un excès d'idéalisation rend fanatique, mais un défaut d'idéalité engendre le sentiment d’indignité. Ce rabaissement conscient, et en partie inconscient, a été confrontés tout à coup à l’acte de Bouazizi, acte qui renvoie à l'idéal le plus élevé : se sacrifier pour sa dignité. Chacun pouvait donc s'identifier à lui et se rehausser à ses propres yeux. Il montrait que le sentiment d'indignité pouvait être dépassé, en mettant en acte cette phrase célèbre de la femme d'Hasdrubal, qu'on a tous appris à l'école : « Plutôt le feu que le déshonneur. » En somme les tunisiens qui se sont soulevés ont mis un Bouazizi à la place de leur idéal d’eux-mêmes. C’est à peine un jeu de mots : ils ont flambés.

                Voilà pourquoi son geste, comme le battement d'une aile de papillon qui peut provoquer un cyclone selon la théorie du chaos, a eu un tel effet. Il a réveillé le désir politique, celui d'une communauté qui veut retrouver sa dignité. Car l'estime de soi, ne s'obtient que dans un rapport à l'autre, aux autres. La dignité personnelle passe par celle de l'autre. »

    Propos recueillis par Renaud de Rochebrune pour Jeune Afrique

     

     (1) « Déclaration d’insoumission à l’usage des musulmans et de ceux qui ne le sont pas », ouvrage publié chez Flammarion en 2006.

     


    1 commentaire
  • Paru dans Libération du 01 février 2011

    Fethi Benslama*

     

    La révolution tunisienne a surgi d’un angle mort. Vouloir aujourd’hui expliquer ses causes à travers les catégories objectives de la rationalité socio-économique est insuffisant. De telles explications finissent par nous faire adhérer à cette illusion déterministe qui fait tant de mal à notre époque où tout semble programmé. Elles privent l’existence humaine d’avenir en la rendant prévisible, dans le confort rétrospectif refroidi. Non, la révolution tunisienne est une surprise y compris pour ceux qui l’ont déclenchée et menée avec résolution. De plus, elle survient dans une situation où la notion de révolution s’est retirée de notre espace de pensée, au moins depuis la chute du mur de Berlin. La levée du soulèvement des Tunisiens, autant que sa puissance, a échappé à tout le monde. A commencer par le système de Ben Ali. Son déclenchement est venu d’une zone inaccessible au champ de vision contrôlé qu’il a constitué. Comment approcher cet angle mort ? Il faut accorder à la notion de déclenchement une valeur propre, qui va au-delà de la conception mécaniste de l’accumulation et de la rupture. Il nous faut penser ce « soudain », qui désigne dans la langue « ce qui vient sans être vu » et qui, en un court laps de temps, renverse massivement la soumission, du moins apparente, en insoumission flagrante et généralisée. Ce déclenchement porte un nom désormais, celui de l’auto-immolation de Bouazizi. Contrairement à ce qui a été dit, Bouazizi n’est pas un diplômé sans emploi, mais un marchand de fruit à la sauvette, auquel la police municipale a confisqué son étalage ambulant, et qui a été giflé lors de l’empoignade, par l’un des agents. Ce n’est pas seulement parce que son moyen de subsistance lui fut enlevé qu’il s’est immolé, mais suite à sa plainte qui a trouvé porte close ou qui fut jugée irrecevable. C’est la coïncidence entre la privation matérielle et la non reconnaissance d’un tort qui a conduit à l’acte désespéré. Or, lorsqu’on écoute l’homme de la rue en Tunisie et que l’on se rend attentif aux mots qui servent à expliquer son soulèvement, en référence à l’acte de Bouazizi, un signifiant revient sans cesse comme une litanie : celui de « qahr ». C’est un vocable effrayant qui appartient au registre le plus élevé de la puissance, celle qui asservit quelqu’un et le réduit à l’impuissance totale. De sa racine dérive le mot qui désigne le vainqueur impérieux, celui d’Irrésistible (l’un des noms divins), celui du Caire (la cité victorieuse) et étrangement dans la langue arabe ancienne, celui de l’état de la chair brûlée et vidée de sa substance. Trop belle coïncidence sémantique dira-t-on, toujours est-il que les Tunisiens puisent dans le langage de la détresse afférente à l’homme réduit à l’impuissance absolue, pour désigner l’acte de Bouazizi comme source d’identification à sa situation et aussi à sa révolte. Il n’est pas exagéré de qualifier le régime de Ben Ali comme un système de pouvoir qui réduit à l’impuissance totale : neutralisation politique des tunisiens et transformation des acteurs publics en marionnettes, organisation policière brutale et techniquement sophistiquée, pillage des biens communs par son clan vorace au su de tous, humiliation physique et morale des opposants, arrogance et menterie quotidiennes, avec les compliments des démocraties européennes qui prétendent, comme d’habitude, ne pas savoir. L’acte de Bouazizi a eu pour effet de pourvoir la révolte de la possibilité d’un renversement, en montrant comment l’homme peut trouver une puissance dans son impuissance même, peut exister en disparaissant, faire prévaloir son droit en perdant tout. C’est l’antinomie même d’un Ben Ali qui n’existe qu’en faisant disparaître les autres, à l’instar de son image flanquée sur tous les murs du pays. C’est le renversement du narcissisme du « qahr » par un pauvre paysan d’une région laissée pour compte qui a fournit à tous les Tunisien le symbole (le langage en acte) qui a déclenché un processus de subjectivation collective faisant fond, certes, sur des conditions socio-économiques qui préexistaient ; conditions qui seraient rester un état et non un procès irrépressible par lequel des femmes et des hommes retournant subitement leur impuissance en puissance de refus. Il y a un versant imaginaire à ce scénario du déclenchement, autour de l’acte inédit de l’auto-immolation dans la culture tunisienne et musulmane, si ce n’est peut-être l’écho de ce que nous avons appris par cœur, enfants, du geste de la femme d’Hasdrubal se jetant dans la brasier en criant : « le feu plutôt que le déshonneur » pour échapper au « qahr » de Carthage par les Romains. Parmi les trésors iconographiques de la révolution sur Facebook, il existe un collage ou l’on voit la tête coupée de Ben Ali en tenue de président de la république, remplacée par celle de Bouazizi. La thèse freudienne de la constitution libidinale d’une foule est d’actualité : une somme d’individus mettent le même objet à la place de leur idéal du moi pour s’identifier les uns aux autres. Sauf, qu’ici Bouazizi n’était pas un meneur, mais l’homme calciné qui, en disparaissant, a permis à la multitude de s’enflammer. En quoi l’inconscient ne peut pas ne pas être politique.

     

     

    * Psychanalyste, professeur de psychopathologie, Université Paris-Diderot.

     

     

     

     

     

     


    1 commentaire



    Suivre le flux RSS des articles
    Suivre le flux RSS des commentaires